ز- تاريخ مختصر للدراسة المتعلّقة بحزقيال
يتّفق معظم شارحي البيبليا على الاعتراف بأن سفر حزقيال تعرّض لتعديلات عديدة على يد مدوِّنيه. ولكن الصعوبة الكبرى هي في التمييز بين ما هو من وضع النبيّ أصلاً، وما هو من وضع المدوِّنين.
في سنة 1924، اعتبر هولشر أنّ الفصول الشعريّة هي الوحيدة التي تصحُّ نسبتها إلى النبي. ونفى هرمان، بحسب معايير لاهوتيّة أكثر ممّا هي أدبيّة، انتماء نبوءات الرجاء إلى حزقيال، حتى وان سلّم بصحة وصدقيّة 14: 1- 14. أما هرنتريش، فافترض أنّ السفر وجد فعلاً، على يدّ نبيّ فِلسطينيّ، وقد أعاد النظر فيه ورتبه مدوّن في بابل، وهو الكتاب كما وصل إِلينا بصيغته الأخيرة. ويستعيد برتوله الافتراض السابق مع بعض التعديل، إذ يؤكّد أن حزقيال قام بمهمة مزدوجة: في فلسطين، وهي الفترة الموافقة للقسم الأول من السفر، وفي بابل حيث منشأ القسم الثاني. والقسمان أُعيد ترتيبهما على يد مدوِّن بابلي. تناول عدد كبير من شارحي البيبليا هذه النظرية، ومنهم اوفري، روبنسون، وستاينمن. الخ... ولكن فوهرر، وتسيمارلي استبعدا الافتراض السابق، ولم يقبلا إلاّ بمهمة واحدة لحزقيال، وهي في بابل. وتُظهر دراساتهما المتقدّمة أنّ النبي هو حلقة من التقليد، ومع ذلك فهو يحتفظ بميزته الخاصة. استعيدت أقواله النبوية ورؤاه، في مدرسة مكوّنة من تلاميذه، وتوسّعت وتطوَّرت، لتصبح ملائمة للوضع الجديد. لذلك، فإنّ تسيمارلي وفوهرر لم يحتفظا إلا بـ 764 إلى 886 آية أصيلة، من مجموع الآيات البالغ 1273 آية في سفر حزقيال.
إنّ هذا التذكير الموجز يبيِّن صعوبات البحث. ونعوِّل أساساً على افتراضات تسيمارلي، التي استعادها الكتاب الحديث للكاتب اسورماندي. ولن نهمل كذلك الوضع الحالي للنص.
إن اهتمامنا، كما يدل عنوان هذا الكتاب، سيشمل الأقوال النبوية وعلامات الخلاص الموجودة في لاهوت حزقيال. لذلك نتبع التصميم التالي: نظرة حول المسيحانيّة (الفصل الثاني)، تتبعها قراءة للقلب الجديد والروح الجديد (الفصل الثالث)، تجد اكتمالها في عودة مجد الله والهيكل الذي ترمّم (الفصل الرابع). أما الفصل الأخير، فهو أكثر توليفاً، إذ يستعيد المبادىء- المفاتيح في: "العهد، الروح، ومعرفة الله". ولن يبقى لنا سوى استخلاص استنتاج موجز لبحثنا هذا.